وقد يكون من الطبيعي أن يعمد الشيطان إلى الدخول على هذا الخط وتحريك كل العوامل التي تمنع الإنسان من الاستقامة ،وتدفعه إلى الانحراف ،وتثير فيه حالة الإرباك الداخلي ،مما قد يغفل عنه الإنسان المؤمن عندما يندمج في هذا الجوّ الانفعالي ،فيبتعد عن التفكير العاقل الهادىء المتّزن ،إلى التفكير المجنون الهائج ،وقد يضعفتبعاً لذلكعن اتخاذ الموقف السليم ..وهذا ما أرادت الآية التالية أن توجه التفكير إليه:
{وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ} والنزغكما قيلهو النخس ،وهو غرز جنب الدابة ،أو مؤخرها بقضيب ونحوه لتهيج ..وعلى ضوء هذا ،فإن التعبير يكون كناية عن تسويل الشيطان الذي يدخلمن خلالهإلى مشاعر الإنسان بطريقةٍ تثيره ليأخذ بالأسلوب الأسوأ ،ويوجه الموقف إلى القطيعة بدلاً من التواصل ،وإلى العداوة بدلاً من الصداقة ،{فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} الذي يعيذ عباده المؤمنين الذين يستجيرون به ،من كل ما يحذرون منه أو يخافونه{هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} فهو الذي يسمع سؤال عباده ،ويعلم حاجاتهم وأفعالهم .