الحقّ هو القاعدة القرآنية الصلبة الواسعة التي تشمل الكون بأسره ،فهو يشكِّل الأساس الذي انطلق منه الوجود ،والضابط لحركة الإنسان ،الذي يريد الله منه أن يجعل كل شيءٍ لديه خاضعاً للحق .ويبقى تحمل الإنسان المسؤولية أمام الله هو الذي يحدد للإنسان موقفه ومصيره ،من خلال الحق .
{وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ} في سرّ الخلق ،وفي حركته ،فلا مجال للعبث ولا للّهو ولا للباطل ،وإذا كان الحق هو الأساس ،فهل يمكن أن يجعل الباطل مساوياً له في القيمة وفي الجزاء ؟وهل يتساوى المحق والمبطل في حسابات الله ؟إن معنى أن يكون الحق الأساس في كل شيء ،هو رجوع كل شيءٍ إليه ،لارتباطه به في العمق والامتداد ،وعلى ضوء ذلك يحدد خط المسؤولية ،الجزاء تبعاً لطبيعة العمل النوعية .
{وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ} فهذا هو المنهج الصحيح الذي يرتكز عليه العدل ،ويقضي بإعطاء كل إنسانٍ حقّه ،والتصرف مع كل شخصٍ بما يستحق ،{وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} فلا يعاقَب أحدٌ بما لم يفعل ،ولا يُنتقص من حق أحدٍ .