أمّا الآية التالية فإنّه في الحقيقة تفسير لسابقتها وتعليل لها ،إذ تقول: ( وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كلّ نفس بما كسبت وهم لا يظلمون ) ،فكل العالم يوحي بأنّ خالقه قد خلقه وجعله يقوم على محور الحق ،وأن يحكم العدل والحق كلّ مكان ،وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن أن يجعل الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمجرمين الكافرين ،فيكون هذا الأمر استثناء من قانون الخلقة ؟
من الطبيعي أنّه يجب أن يتمتع أُولئك الذين يتحركون حركة تنسجم مع قانون الحق والعدالة هذا ،ولا يحيدون عنه ببركات عالم الوجود وينعمون بألطاف الله سبحانه ،كما يجب أن يكون أولئك الذين يسيرون عكس هذا الطريق ويخالفون القانون طعمة للنّار المحرقة ،ومحطاً لغضب الله عزَّ وجلّ ،وهذا ما تقتضيه العدالة .
ومن هنا يتّضح أنّ العدالة لا تعني المساواة ،بل العدالة أن يحصل كلّ فرد على ما يناسبه من المواهب والنعم حسب مؤهلاته وقابلياته .
/خ23