{وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآء} لأنهم يواجهون اتهام الناس لهم بالمسؤولية عن شركهم بالله في الدنيا وعن عذابهم في الآخرة جرّاء ذلك بالتبرّؤ الكامل منهم ونفي أي علاقةٍ لهم بالموضوع ،وتحميلهم مسؤولية ضلالهم الذاتي بسبب تصوراتهم المتخلّفة ،ما يجعل الموقف موقفاً عدائياً يتبادل فيه الطرفان الرفض والبراءة ،{وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} فهم يرفضون عبادتهم من قبل أولئك ،لأنهم لا يرون لأنفسهم هذه الدرجة التي وضعوهم فيها .
ويتابع صاحب تفسير الميزان طريقته في استيحاء حياة الجمادات في عمقها الداخلي من هاتين الآيتين فيقول: «وفي سياق الآيتين تلويح إلى أن هذه الجمادات التي لا تظهر لنا في هذه النشأة أنّ لها حياةً لعدم ظهور آثارها ،سيظهر في النشأة الآخرة أن لها حياةً وتظهر آثارها »[ 3] .
ونلاحظ على قوله هذا ما لاحظناه على ما قاله سابقاً ،فهذه الآيات قد تكون جارية على سبيل الكناية ،أو أنها مختصةٌ بالآلهة العاقلة المزعومة ،فإن استتار الحياة في الجمادات لا معنى له فيها ،أمّا خلق الحياة من جديدٍ كما في نطق الأعضاء والجلود وشهاداتها يوم القيامة ،فهذا أمر آخر ،لا يرتبط بما ذكره في كلامه ،إلا أن يريد به ما يشمل هذا ،فنلاحظ عليه ما استوحيناه من دلالة الآيتين ؛والله العالم .