وهكذا يتحرّك التساؤل في قوّة إرادة الإيمان ،{وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللَّهِ} الَّذي يفرض نفسه علينا في كل ما نفكر ونشعر ونعيش من قضايا الحياة وتفاصيلها ،وحركة النفس وتطلعاتها ،{وَمَا جَآءَنَا مِنَ الْحَقِّ} الَّذي يتمثَّل في وضوح الحقيقة في وجداننا وأعماقنا ؟!وتلك هي قصة الإنسان الواعي ،إذا عاش وضوح الرؤية للأفكار والأشياء ،فإنَّه لا يملك إلاَّ أن يلتصق بالمعرفة التصاق إيمان ،وينفعل بالحياة ،من خلالها ،انفعال الموقف والممارسة .أمَّا الإنسان الَّذي يهرب من الحقيقة الّتي تواجهه ،ويختبىء وراء أقنعة متنوعة تحجب عنه إشراقتها ،فهو الإنسان المعقّد الَّذي لا يعيش الإيمان كمسؤوليّة ،بل يتحرّك معه على أساس الرغبة والرهبة في نطاق أنانيّة الذات ،وهو غير هذا الإنسان الَّذي يقف وقفة الابتهال الخاشع أمام الله ليعبِّر عن رغباته الروحيّة بين يديه ،{وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ} فها هي الأشواق الروحيّة تتطلع إلى العيش مع النفوس الصالحة المؤمنة الّتي جاهدت في سبيل الله عندما كانت في الدنيا ،وجاءت لتعيش نتائج جهادها في جنَّة الله ،رضواناً ورحمةً ومغفرة .