{عَلَّمَهُ البَيَانَ} فأودع فيه سرّ النطق الذي يعبر به عما في عقله وقلبه وشعوره ،مما يفكر فيه ويحس به ،كما يستخدمه في تدبير شؤونه الخاصة والعامة وتلبية حاجاته ،ويحقق من خلاله التواصل مع أفراد مجتمعه في كل ما يحتاج فيه إليهم في قضاياه الخاصة ،أو في حاجته إلى التكامل معهم لما يريد إنجازه من قضايا عامة قد تختلف فيها المواقف ،وتضطرب فيها الآراء ،فيكون البيان ،الذي يركز قاعدة الفكرة ويوضح حركة المشكلة ويدير عملية الحوار ،هو الذي يحقق ذلك .
وهكذا يشعر الإنسان بالرحمة الإلهية في ذلك كله ،لأن الله أعطاه وجوداً منفتحاً على حركة الواقع ،وعلى انطلاقة الهدى في عقله وروحه وموقفه ،ما يجعل كل تجربةٍ بيانيةٍ داخليةٍ في حالة الاستعداد له ،أو خارجية في حالة الفعلية ،مصدر إحساسٍ بالرحمة الإلهية في كل لحظات الفكر والتواصل البياني مع الآخرين ،وهذا واقع الإنسان في وجوده الذاتي والحركي .