وقوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة{عَلَّمَهُ البَيَانَ} التحقيق فيه أن المراد بالبيان الإفصاح عما في الضمير .
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أنه علم الإنسان البيان قد جاء موضحاً في قوله تعالى{فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ} [ النحل: 4 ويس: 77] في سورة النحل ويس ،وقوله{مُّبِينٌ} على أنه اسم فاعل أبان المتعدية ،والمفعول محذوف للتعميم ،أي مبين كل ما يريد بيانه ،وإظهاره بلسانه مما في ضميره ،وذلك لأنه ربه علمه البيان ،وعلى أنه صفة مشبهة من أبان اللازمة ،وأن المعنى فإذا هو خصيم مبين أي بين الخصومة ظاهرها ،فكذلك أيضاً ،لأنه ما كان بين الخصومة إلا لأن الله علمه البيان .
وقد امتن الله جل وعلا على الإنسان بأنه جعل له آلة البيان التي هي اللسان والشفتان ،وذلك في قوله تعالى{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ} [ البلد: 8 -9] .