قوله تعالى:{قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .
نداء للمشركين بمكة ،لما عرضوا عليه صلى الله عليه وسلم أن يترك دعوته ويملِّكوه عليهم أو يعطوه من المال ما يرضيه ونحوه فرفض ،فقالوا: تقبل منا ما نعرضه عليك: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ،فسكت عنهم فنزلت ،وقالوا له: إن يكن الخير معنا أصبته ،وإن يكن معك أصبناه .
وفي مجيء{قل} مع أن مقول القول كان قد يكفي في البلاغ ،ولكن مجيئها لغاية فما هي ؟
قال الفخر الرازي: إما لأنهم عابوه صلى الله عليه وسلم في السورة التي قبلها بقولهم:أَنَّهُ فجاء قوله:{قُلْ} ،إشعاراً بأن الله يرد عن رسوله بهذا الخطاب ،الذي ينادي عليهم في ناديهم بأثقل الأوصاف عليهم ،فقال له:{قُلْ يا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} .
أو أنه لما كان هذا الخطاب فيه مغايرة المألوف من تخاطبه معهم من أسلوب الحكمة والموعظة الحسنة ،وكان فيه من التقريع لهم ومجابهتهم ،قال له:{قل}إشعاراً بأنه مبلغ عن الله ما أمر به ،وجاءت يا- وهي لنداء البعيد- لبعدهم في الكفر والعناد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم .