{إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً} فهذا هو الكلام الذي يسمعونه في الجنة التي هي دار السلام ،ما يجعل السلام في كل معاني الروح والصفاء والنقاء في العقل والقلب والروح والواقع ،هو الطابع الذي يطبع حياة أهل الجنة في علاقاتهم الأخوية ،فهم يسمعونه من الله الذي ينزل عليهم السلام ليوحي لهم بسلام رضوانه ولطفه ورحمته ،ويسمعونه من الملائكة الذين يتحدثون معهم بالسلام في إيحاءٍ بالجوّ الجديد الذي يستقبلونه في الجنة ،ويتخاطبون به فيما بينهم في نطاق التحية والعلاقة والممارسة ،لأنهم لا يحملون في قلوبهم أيّ معنى من معاني الحقد والأنانية والبغضاء ،ولا يعيشون أساساً أيّ صراعٍ في أي جانب من الجوانب المتصلة بحياتهم ،حتى يتحول الصراع إلى نزاع وخلافٍ وقتال ،مما كان يعيشه الناس في الدنيا من خلال المشاكل المتنافرة التي كانوا يواجهونها في علاقاتهم الخاصة والعامة .ومن هنا ،كانت الحياة في الجنة سلاماً بكل معانيها ،فهي ،وحدها ،دار السلام بالمعنى المطلق للكلمة ،وهكذا يتحول الإيحاء إلى الدنيا ،ليتعلم المؤمنون روح السلام فيها ويتعرفوا كيف ينطلقون بهذه الروحية إلى السلام في الآخرة .