{لأنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ اللَّهِ} فتلك هي الحقيقة النفسية للمنافقين ولإخوانهم من الذين كفروا من أهل الكتاب ،فهم لا يعيشون في أعماقهم الشعور بعظمة الله المطلقة التي يشعر بها المؤمنون بالله ،ولا يتحسسون الخوف منه لتكون مواقع حركتهم متجهةً إلى الابتعاد عن مواقع غضب الله وسخطه ،فيكونون الأقوياء بالله في مواجهة أعدائه ،بل يعيشون الشعور بمواقع القوة المادية من حولهم ،في ما يملكه الناس من قوة البطش والقهر ،ما يجعل قلوبهم فارغةً من خوف الله ،مملوءةً بخوف الناس .
ولمّا كان المسلمون في الموقع المميّز للقوة آنذاك ،كانت مشاعر الخوف من المسلمين لدى المنافقين واليهود أقوى من مشاعر خوفهم من الله الذي لا يستشعرون الإيمان به ،{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ} لأنهم لا يعرفون مدى عظمة الله ،وأن القوة بيده ،وأن العزة له جميعاً ،وأن الكون لا يملك أية قوة إلا منه ،فلا قيمة لأي قوة كونيةٍ أو بشرية ليخافها الإنسان أمام قوته .ولهذا فإن المسألة هي مسألة وعيٍ للحقيقة الإلهية في حركة القوة الكونية ،مما لا يفهمه إلا المؤمنون .