{مُبَارَكٌ}: دائم الخير الكثير الذي ينتفع به الناس في دنياهم باجتماع شملهم وقوة جمعهم ووحدة كلمتهم وطيب حياتهم ،والبركة: الخير المستقر من الشيء اللازم له .
{وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ} وهو القرآن الذي أنزله الله على رسوله ،فهو الكتاب المبارك الذي يهديهم إلى الصراط المستقيم ،ويبعدهم عن سبل الضلال ،ويبيّن لهم ما ينتفعون به في الدنيا والآخرة ،ويخرجهم به من الظلمات إلى النور ،{فَاتَّبِعُوهُ} في هداه وفي منهج عرضه للأفكار وأسلوب تشريعه للعلاقات ،وفي أحكامه وتعاليمه التي تنظم لكم شؤون حياتكم في الداخل والخارج ،{وَاتَّقُواْ} الله في خط السير والاتباع لئلا تسيئوا فهمه ،من دون وعي ،ولئلا تنحرفوا في تطبيقه من دون انضباط ،ولئلا تتحركوا بعيداً عنه ،في الوقت الذي تظنون فيه أنكم قريبون منه ،لأن قضية القرب والبعد قد تختلط على الإنسان في وعيه لطبيعة الساحة ،فيخيّل إليه أنه قريبٌ ،على أساس بعض الشكليات الإيمانية ،ولكنه بعيدٌ من خلال القيم الروحيّة غير المحسوسة في حركة حياته ،وقد يخيّل إليه أنه بعيدٌ ،ولكنه قريبٌ في روحيته وأخلاقياته .
{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} بالتزامكم بهداه وطاعتكم له ،فيكون ذلك سبباً لرحمته تعالى في ما يفيض عليكم من لطفه ونعمه في الدنيا ،وفي ما يغدقه عليكم من رضوانه ونعيم جنته في الآخرة .وقد يكون في التعبير ب«لعل » نوع من أنواعٍ إثارة القلق الذي يدفع الإنسان إلى الاهتمام بالانضباط بطريقةٍ أفضل وبشكل أكيد .