{وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ} فقد عرفوا من خلال الواقع الذي يعيشونه أنهم غير صادقين في ما يدّعونه ،بل كل ما هناك أنهم أرادوا أن يفرضوا الاستعلاء العنصري اليهودي على الناس من موقع القداسة ،من دون أن يكون هناك أية حقيقةٍ في ذلك ،مستغلّين جهل الناس بالتوراة ،وبعدهم عن المعرفة الدينية ،كما نراه لدى الكثيرين الذين يعملون على تغذية أوهام الناس بكثيرٍ من المفاهيم الساذجة التي تثير التهاويل في ذهنية العوام ،لتأكيد موقعٍ شخصيٍّ مميّزٍ أو قوميٍّ بارزٍ أو عنصريٍّ معقَّدٍ ،ليقدس الناس الخرافة باسم الحقيقة ،والوهم باسم اليقين ،والانحطاط باسم التقدم .
وهكذا كان اليهود بين تيارين ،أحدهما لا يؤمن بالآخرة ،ولهذا فإنه ليس مستعداً لأن يقترب من الموت الذي لا يمثل عنده أي موقعٍ للانفتاح عما بعده ،وثانيهما يؤمن بالآخرة ،ولكنه يعرف النتائج الوخيمة التي يواجهها في مصيره ،على أساس الأعمال السيئة التي قام بها في حياته .وهذا ما تريد الآية أن تؤكده لتختم ذلك بقوله تعالى:{وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} الذين ظلموا أنفسهم وظلموا الناس من حولهم ،وانحرفوا بالحياة عن سبيل الله ،فهو يعلم سرهم وعلانيتهم .وتتابع الآيات كشف المصير الذي ينتظر هؤلاء وأمثالهم في الآخرة عندما يقفون غداً في ساحة الحساب المحتوم ،أمام الله .