{فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ} واختاره إليه{فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} الذين اختصهم برحمته ،وجعلهم من أهل كرامته .
من إيحاءات الآيات
وقد نستوحي من هذه الآيات وصية الله للنبي أن لا يكون كصاحب الحوت الذي ضاق صدره بتكذيب قومه ،فاستعجل العذاب لهم ،ولم يصبر على الامتداد في تبليغ الرسالة لتبلغ مداها في تحقيق شروط النجاح أو نهاية التجربة .
قد نستوحي من ذلك أن الأنبياء يستسلمون لنقاط الضعف البشري تبعاً لدرجاتهم ،وقد لا يكون من الضروري أن يكون ذلك في حجم المعصية ،لأنهم ربما انطلقوا من معطيات إيمانيةٍ في الغضب لله ولرسوله ،ولكن ذلك يعني أن درجاتهم في الكمال تتفاوت حسب تفاوت مواقعهم الإيمانية والروحية .
وقد نستوحي من هذه الآية ،أنّ على الداعية أن يصبر في موقفه الصعب في مواجهة التحديات ،ليبقى في متابعةٍ دائمةٍ للواقع من حوله من خلال دراسة الظروف الموضوعية الضاغطة عليه أو على الناس الذين يريد هدايتهم ،ليفسح المجال لظروف أخرى ملائمة في ما يمكن أن يختزنه المستقبل من متغيرات على صعيد حركة الواقع السلبية والإيجابية ،وأن عليه أن لا يتعقد من النكسات أو بعض مواقف الفشل ،ولا يثور بسرعة ،بحجة الثأر لرسالة الله التي لا يطيق المؤمن الصبر على الإساءة إليها ،لأن الإنسان لن يكون أكثر اهتماماً من الله برسالته ،في ما يريد أن يأخذ به المتمردين من عقابه ،فقد يأتيهم العذاب من حيث لا يحتسبون .