{لَيُزْلِقُونَكَ}: الإزلاق: الإزلال ،وهو الصَّرْع ،كناية عن القتل والإهلاك .
{وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ} أي ينظرون إليك نظر الذي يريد أن يصرعك ببصره ،في ما كانوا يعتقدونه بأن العين تقتل الذي تصيبه ،أو أنهم يحدّقون بك تحديقة الحقد الذي يشتعل في عيونهم حتى يخيّل إليهم أنهم سيحرقونك به ،أو أنهم ينظرون إليك كما ينظر الإنسان إلى المجنون في حالةٍ نفسيّةٍ توحي بالخوف منه ،والاستعداد للانقضاض عليه إذا بدرت منه أيّة حركةٍ{لَمَّا سَمِعُواْ الذِّكْرَ} الذي جاءهم بما لم يعهدوه من الأفكار والأجواء والمواقف ،فكانوا يثيرون القضية كعادتهم في كل كلام خارج عن المألوف ،مما يسمعونه من أيّ شخص ،فيعتبرونه جنوناً ،لأنه كلام لا يصدر عن الناس العقلاء الذين تتحرك عقولهم في دائرة المألوف المعروف لدى المجتمع ،{وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ} وقد ذكر صاحب الميزان أن «رميهم له بالجنون عندما سمعوا الذكر دليل على أن مرادهم به رمي القرآن بأنه من إلقاء الشياطين ،ولذا ردَّ قولهم بأن القرآن ليس إلا ذكراً للعالمين » .
ونلاحظ أن هذا الاحتمال غير ظاهر ،لأن المسألة قد تكون في دائرة الاحتمال الذي ذكرناه ،كما أن إلقاء الشياطين له لا يعني جنونه ،إذ لم يكن الكلام يوحي بالذهنية الجنونية في طبيعته ،ما يجعلنا نفهم منه التأكيد على التهمة ،أو الإِيحاء به من خلال استغرابهم لمضمون القرآن في خروجه عن المألوف في تفكيرهم .