التّفسير
يريدون قتلك ..لكنّهم عاجزون
هاتان الآيتان تشكّلان نهاية سورة القلم ،وتتضمّنان تعقيباً على ما ورد في بداية السورة من نسبة الجنون إليه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من قبل الأعداء .
يقول تعالى: ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لمّا سمعوا الذكر ويقولون إنّه لمجنون ) .
«ليزلقونك » من مادّة ( زلق ) بمعنى التزحلق والسقوط على الأرض ،وهي كناية عن الهلاك والموت .
ثمّة أقوال مختلفة في تفسير هذه الآية:
1قال كثير من المفسّرين: إنّ الأعداء حينما يسمعون منك هذه الآيات العظيمة للقرآن الكريم ،فإنّهم يمتلئون غضباً وغلا ،وتتوجّه إليك نظراتهم الحاقدة وبمنتهى الغيظ ،وكأنّما يريدون أن يطرحوك أرضاً ويقتلوك بنظراتهم الخبيثة الغاضبة .
وأضاف قسم آخر في توضيح هذا المعنى ،أنّهم يريدون قتلك بالحسد عن طريق العين ،وهو ما يعتقد به الكثير من الناس ،لوجود الأثر المرموز في بعض العيون والتي يمكن أن تؤثّر على الطرف الآخر بنظرة خاصّة تميت المنظور .
2وقال البعض الآخر: إنّها كناية عن نظرات ملؤها الحقد والغضب ،كما يقال عرفاً: إنّ فلاناً نظر إليّ نظرة وكأنّه يريد إلتهامي أو قتلي .
3ويوجد تفسير آخر للآية الكريمة يحتمل أن يكون أقرب التفاسير ،وهو أنّ الآية الكريمة أرادت أن تظهر التناقض والتضادّ لدى هؤلاء المعاندين ،وذلك أنّهم يعجبون ويتأثّرون كثيراً عند سماعهم الآيات القرآنية بحيث يكادون أن يصيبوك بالعين ( لأنّ الإصابة بالعين تكون غالباً في الأمور التي تثير الإعجاب كثيراً ) إلاّ أنّهم في نفس الوقت يتّهمونك بالجنون ،وهذا يمثّل التناقض حقّاً .إذ أين الجنون ولغو الكلام وأين هذه الآيات المثيرة للإعجاب والنافذة في القلوب ؟
إنّ هؤلاء ذوي العقول المريضة لا يدركون ما يقولون وما وقعوا فيه من التناقض فيما ينسبونه إليك .
وعلى كلّ حال فإنّ ما يتعلّق بموضوع حقيقة إصابة العين وصحّتهامن وجهة النظر الإسلامية أو عدمها ،وكذلك من وجهة نظر العلوم الحديثة ،فهذا ما سنستعرضه في البحوث التالية إن شاء الله .