{خَلْفٌ}: بسكون اللام: قوم لاحقون أشرار ،وبفتحها أخيار .
{عَرَضَ}: العرض: الشيء الزائل الذي لا ثبات له .
{وَدَرَسُواْ}: قرأوا .
{فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدنَى} من مالٍ وجاهٍ وشهواتٍ وغير ذلك من متاع الحياة الدنيا ،ويسخّرونه في معصية الله ،{وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا} لأننا شعب الله المختار ،فلا يمكن أن يعذّبنا الله بذنوبنا ،أو يؤاخذنا على أعمالنا ،لأنّ الله لا يعذب شعبه .{وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِّثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} لأنهم يعيشون حياتهم من أجل الحصول على هذا العرض الزائل ،فلا يكتفون بفرصةٍ واحدة في سبيل تحقيق غاياتهم ،بل يعملون على انتهاز أيّة فرصةٍ جديدة في الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب المادية .
الله يناقش الأوضاع المنحرفة لليهود
وينطلق القرآن ليناقش أوضاعهم المنحرفة التي لا تتفق مع المواثيق والعهود الإلهية ،التي ألزم بها عباده من أجل الالتزام بالمنهج الحكيم الذي يركز الحياة على قاعدةٍ ثابتة من الحق والعدل والاستقامة على الطريق السويّ ...{أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ} ؟!فكيف التزموا بالباطل وأعلنوه ودعوا إليه ،ونسبوه إلى الله بغير علمٍ ولا هدى ؟!هل يمكن أن ينسبوا أنفسهم إلى الجهل ،وهم قد أخذوا الكتاب{وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ} وفهموا أحكامه وقضاياه ؟فما معنى هذا السلوك المنحرف ،وهم يدَّعون الإيمان بالله وبالكتاب ؟ولكنّ القضية ليست قضية علمٍ أو جهل ،بل هي قضية أطماع وشهواتٍ تختفي وراء كثير من الأقنعة والواجهات ،بعيداً عمّا هو العهد والميثاق والكتاب ...
{وَالدَّارُ الآخرةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ} ويلتزمون بعهد الله وميثاقه ،ويعملون بكتابه .{أَفَلاَ تَعْقِلُونَ} وتفكرون في النتائج السلبية والإيجابية على مستوى الدنيا والآخرة ،فإنكم لو انطلقتم مع العقل في موازينه ومقاييسه ،لاستطعتم اكتشاف كثيرٍ من السلبيات في ما تعملون ،وكثير من الإيجابيات في ما ينبغي أن تعملوه مما تركتموه وراء ظهوركم .وذلك هو نموذج هؤلاء الذين أضاعوا الكتاب .