{قَالَ الْمَلاَُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ} ؟!..في لهجة الإنكار والاستغراب ،كمن يقول لصاحبه: هل تصدق مثل هذا القول ،أم أنك تمزح ،أم أنك تنطلق في إقرارك من موقع المصلحة والطمع ؟!ليقوده إلى التراجع طلباً لاحترامه ،لأن من لا يملكون قوة الشخصية ،يستعيرون ثقتهم بأنفسهم من رضا الآخرين عنهم ،فإذا شعروا بأي نوعٍ من أنواع الاهتزاز في ثقة الناس بهم ،لعدم رضاهم عن بعض أفكارهم أو مواقفهم أو تطلعاتهم ،انكمشوا في داخل ذواتهم ،وحاولوا استعادة ما فقدوه بالالتزام بما لا يؤمنون به ،لمجرد أن الناس الكبار يؤمنون به ،ويستريحون له .ولكن المستضعفينالذين استطاعوا أن يحصلوا على قوّة الشخصيّة من خلال إيمانهم الجديدواجهوا هذا الأسلوب بموقفٍ قويٍّ حاسم ،يؤكد الوقفة الإيمانية كما لو كانت شيئاً لا يقبل التراجع مهما كلف الأمر ؛{قَالُواْ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ} على أساس الوعي للرسالة ،والإيمان بالفكرة ،والقناعة بخط التحرك ...وهذا لا يجعل من القضية شأناً ذاتياً خاضعاً للتغيير والتبديل على أساس حسابات الربح والخسارة ،أو موازين القوة والضعف ،لأنها قضية حقٍ وإيمانٍ وصدق ...