{وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً} فلا يمنح غيره شيئاً مما أنعم الله به عليه من نعم الحياة ،لأنه يخاف على نفسه الفقر ،ويضيق بالناس الذين يتطلّعون إليه ليحصلوا على بعض ما عنده مما يلبي حاجاتهم ويحلّ مشكلة حرمانهم .
وهكذا يؤكد القرآن المسألة النفسية للإنسان ،في جانبها السلبي ،عندما تتحول إلى مسألةٍ عمليةٍ واقعيةٍ تنعكس على الجانب السلوكي من حياته ،فهي ليست مجرد حالةٍ طارئةٍ خاضعة للظروف المحيطة به ،بل هي حالة غريزية في طبيعة تكوينه الغريزي في الضعف الشعوري الذي يقوده إلى الجزع والسقوط ،وإلى البخل والحرص .ولكن هذه الغريزة ككل الغرائز الإنسانية ،لا تمثّل حتمية الحالة السلبية في نتائجها العملية ،لأنها يمكن أن تتحول إلى حالةٍ إيجابيةٍ من خلال التهذيب الروحي الذي ينعكس إيجاباً على التهذيب العملي ،ليتوازن السلوك الأخلاقي في شخصيته ،فيأخذ بأسباب القوّة عندما ينفتح على الله في انفتاحه على قوّة الله ،كما يعيش روحية العطاء عندما يتطلع إلى امتداد حركة النعمة في المستقبل ،كما امتدت في الماضي ،لأن الله الذي أعطى الإنسان في الماضي هو الذي يعطيه في المستقبل ،فيزداد ثقة بالأمن المستقبلي بالرزق ،فلا يمنع ولا يبخل على عباد الله .