{وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} التي تمثل الالهة الكبار التي هي في موقع الأهمية الكبيرة ،{وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً} وقيل: إن هذه الخمسة ظلت تُعبد إلى عهد النبي( ص ) وأن ودّاً كان لقبيلة كلب ،وسواعاً لهذيل ،ويغوث لغطيف ،ويعوق لهمدان ،ونسراً لحِمْيَر ،بالإضافة إلى ما استحدثوه من هبل واللاَّت ومناة والعزى .
وهكذا كان أسلوبهم العاطفي يستهدف الوقوف ضد الأسلوب التأمّلي الهادىء المتوازن الذي كان نوح يطرحه على هؤلاء لينطلقوا في أوضاعهم الفكرية والعملية ،في محاكمةٍ عقليّةٍ واعيةٍ ،من أجل تصحيح الخط المنحرف في حياتهم ،وتقويم العادات العوجاء في تاريخهم ،كما هي قضية الرسالات الإلهية التي تريد أن تقود الإنسان إلى مصيره من خلال مسؤوليته عما يفكر ويعمل بعيداً عن تفكير الآخرين وسلوكهم ،لأن المسؤولية في دائرة الإيمان فردية{وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [ الأنعام:164] ،ولا يكسب الإنسان عمل غيره ،إلاَّ من الناحية التي يمثل فيها مقدّمةً لعمل الآخرين ،ولم تكن مشكلة نوح هؤلاء الرؤساء المترفين عند أنفسهم ،بل كانت المشكلة هي وقوفهم حجر عثرة في طريق الدعوة .