{وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الُخَآئِضِينَ} في وحول الأفكار والمواقف والكلمات غير المسؤولة ،فلم تكن عندنا قاعدةٌ فكريةٌ ننطلق منها لنحدد مواقفنا على أساسها ،ولم يكن لدينا منطلقٌ للانتماء لنتعرف من خلاله على مواقعنا .وعلى ضوء ذلك ،كنَّا نحدّق بالناس أين يتحركون لنتحرك معهم ،وكنا نلاحق الأوضاع كيف تتغير لنتغير معها ،وكانت أحاديث الناس التي تدور حول شخص ما ،أو جهةٍ معينة ،هي الأحاديث التي ننفتح عليها ،ونندمج فيها ،ونتبنى كل أفكارها ،لنردّدها مع الذين يرددونها ،أو لنؤيدها مع الذين يؤيّدونها ،فليست المشكلة عندنا انسجامها مع الحقيقة ،بل المشكلة هي كيف ينظر الناس إليها ،وكيف يلتزمونها في الوجدان العام ،وهذا الذي جعلنا نخطىء من حيث لا يجوز لنا الخطأ ،ونظلم من لا يستحق الظلم ،ونحكم بالباطل من دون حجّة ،ونتنكَّر للحق من دون أساس ،لأننا كنّا لا نعيش فكرنا بفعل ما ينتهي إليه العقل من نتائج ،ولا تتحرك مسؤوليتنا بفعل ما تحدده المسؤولية لنا من مواقع ،بل كان الآخرون هم الذين يحدّدون لنا ذلك كله ،ولهذا فقدنا رضوان الله علينا ،لأن الله يرضى عن الذين يملكون الحجة من حيث يملكون حركة عقولهم ،ويواجهون القضايا من موقع المسؤولية الواعي ،بين يدي الله .