{مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأِنْعَامِكُمْ} حيث سخّر ذلك لكم ولأنعامكم في ما يتمثل فيها من شروط الحياة الضرورية ..
ومن خلال ذلك كانت العظمة التي توحي بها دقة التدبير ،وكانت النعمة التي توحي برحمة الله ولطفه وعنايته ،في ما أنعم به على الإنسان من ذلك كله .ولا ريب أن توجيه النظر الى هذه الأمور يغري بالبحث والاستقراء بالمستوى الذي يمكن أن يصل الإنسان ،من خلاله ،إلى الكثير من المعرفة الواسعة بالله سبحانه وتعالى .وقد ذكر بعض المتتبعين أن «المجموعة الشمسية التي تنتمي إليها أرضنا هي تنظيمٌ نادر بين مئات الملايين من المجموعات النجمية ،وأن الأرض نمطٌ فريدٌ غير متكررٍ بين الكواكب بموقعها هذا في المنظومة الشمسية الذي يجعلها صالحةً للحياة الإنسانية .ولا يعرف البشرحتى اليومكوكباً آخر تجتمع له هذه الموافقات الضرورية .وهي تُعَدّ بالآلاف !» .
ويقول العقّاد: «ذلك أنّ أسباب الحياة تتوافر في الكواكب على حجمٍ ملائم ،وبُعدٍ معتدلٍ ،وتركيبٍ تتلاقى فيه عناصر المادة على النسبة التي تنشط فيها حركة الحياة .
لا بد من الحجم الملائم ،لأن بقاء الجو الهوائي حول الكوكب يتوقف على ما فيه من قوة الجاذبية .
ولا بد من البعد المعتدل ،لأن الجرم القريب من الشمس حار لا تتماسك فيه الأجسام ،والجرم البعيد من الشمس باردٌ لا تتحلّل فيه تلك الأجسام .
ولا بد من التركيب الذي تتوافق فيه العناصر على النسبة التي تنشط بها حركة الحياة ،لأن هذه النسبة لازمة لنشأة النبات ونشأة الحياة التي تعتمد عليه في تمثيل الغذاء .
وموقع الأرض حيث هي أصلح المواقع لتوفير هذه الشروط التي لا غنى عنها للحياة ،في الصورة التي نعرفها ،ولا نعرف لها صورة غيرها حتى الآن »َ