{وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ} وهو رسول الله الذي يملك العقل الواعي المنفتح على الله ،والمتحرك في إدارة شؤون الرسالة بكل تركيزٍ وبصيرةٍ .وليس الحديث عنه بهذه الصفة التي تسيء إلى شخصيته العقلية إلا نوعاً من الحملة العدوانية الموجّهة ضده من قِبَل المشركين الذين أعيتهم الحِيَل في إبعاد الناس عنه ،فعمدوا إلى تشويه صورته واتهامه بالجنون ،ما يدلُّ على سذاجتهم في تلفيق التهم ،لأنّ النبيّ كان معروفاً لدى الناس الذين عاش معهم ،قبل الرسالة وبعدها ،برجاحة عقله وصدقه وأمانته واستقامته ،بالمستوى الذي يجعل من هذه التهمة دليلاً على جهلهم ،وسخافة عقولهم ،لأنهم لا يستطيعون التمييز بين المجنون والعاقل الذي يملك المستوى الكبير في قوّة العقل ،وصفاء الإحساس ،ووعي الروح ،فليس هناك أي أساسٍ لوصفه بالجنون .
وقد لاحظنا أن هذه الكلمة لم تستطع أن تحرّك أي شخص للانفعال به في زمن الدعوة الأول ،فقد كان الناس يقبلون عليه ليسمعوا منه ،ولينتفعوا بالجلوس إليه .