وينفي القرآن ما نُسب إلى النبّي( صلى الله عليه وآله وسلم ): ( وما صاحبكم بمجنون ) .
«الصاحب »: هو الملازم والرفيق والجليس ،والوصف هذا مضافاً إلى أنّه يحكي عن تواضع النّبي( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع جميع الناس ...فلم يرغب يوماً في الاستعلاء على أحد منكم ،فإنّه قد عاش بينكم حقبة طويلة ،وجالسكم ،فلمستم عن قرب رجاحة عقله وحسن درايته وأمانته ،فكيف تنسبون له الجنون ؟!
وكلُّ ما في الأمر إنّه قد جاءكم بعد بعثته بتعاليم تخالف تعصبكم الأعمى وتحارب أهواءكم الجاهلية ،فما راق لكم الانضباط والترابط ،وحبذتم الانفلات والتراخي ،فوليتم الأدبار عن تعاليمه الربانية ونسبتم إليه الجنون ،فراراً من هدي دعوته المباركة !
ونسبة الجنون إلى النبّي( صلى الله عليه وآله وسلم ) ليس بالشيء الجديد في مسير دعوة السماء فقد واجه جميع أنبياء اللّه( عليهم السلام ) هذا الافتراء الفارغ من قبل جهلة وكفرة عصورهم ،وقد حدثنا القرآن الكريم بتلك الوقائع: ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلاّ قالوا ساحر أو مجنون ){[5821]} .
فالعاقل في منطق الجاهلية ،من يخضع للعادات والتقاليد المعاشة وإنْ كانت فاسدة منحطة ،ومَنْ يطلق لجماح أهواءه وشهواته العنان ،ومَنْ لا يفكر بأيَّ إصلاح أو تغيير لأنّه خروج على السائد المتعارف عليه !
وبناء على هذا المقياس الأعمى ...فكلُّ الأنبياء في نظر عبدة الدنيا مجانين ...
/خ25