ثم قال:{أفلم ينظروا إلى السماء} استدل بالآيات الكونية على صحة الآيات الشرعية .
والاستفهام هنا للتوبيخ ،يوبخهم - عز وجل - لماذا لم ينظروا إلى هذا ؟لماذا لم ينظروا إلى السماء وما فيها من عجائب القدرة الدالة على أن الله تعالى قادر على إحياء الموتى الذي أنكره هؤلاء المكذبون ،وقوله:{أفلم ينظروا إلى السماء} يشمل نظر البصر ،ونظر البصيرة ،نظر البصر يكون بالعين ،ونظر البصيرة يكون بالقلب ،أي: التفكر ،وقوله:{إلى السماء فوقهم كيف بنينها} قد يقول قائل: إن كلمة:{فوقهم} لا فائدة منها ،لأن السماء معروفة أنها فوق ،ولكن نقول: إن النص على كونها فوقهم إشارة إلى عظمة هذه السماء ،وأنها مع علوها وارتفاعها وسعتها وعظمتها تدل على كمال خلقه وقدرته - جل وعلا -{كيف بنينها} بناها الله - عز وجل - بقوة وجعلها قوية ،فقال - جل وعلا -:{وبنينا فوقكم سبعاً شداداً} أي قوية ،وقال تعالى:{والسماء بنينها بأيد} أي بقوة ،وهذا البناء لا نعلم كيف بناها الله - عز وجل - لكننا نعلم أنه خلق السموات والأرض في ستة أيام ،خلق الأرض في أربعة ،والسماء في يومين ،كما قال الله تعالى:{فقضاهن سبع سماوات في يومين} وقوله:{وزينها} أي حسنَّا منظرها ،بما خلق الله تعالى فيها من النجوم العظيمة المنيرة المنتظمة في سيرها ،وهذه النجوم قال قتادة - رحمه الله - وهو من أئمة التابعين: «خلق الله هذه النجوم لثلاث: زينة للسماء ،وعلامات يُهتدى بها ،ورجوماً للشياطين ،فمن ابتغى فيها شيئاً سوى ذلك فقد أضاع نصيبه ،وتكلف ما لا علم له به »يشير إلى ما ينتحله المنجمون من الاستدلال بحركات هذه النجوم على الحوادث الأرضية ،حتى إنهم يبنون سعادة الشخص وشقاءه على هذه النجوم ،مثلاً يقولون: إذا ولد في النجم الفلاني فهو سعيد ،وإذا ولد في النجم الفلاني فهو شقي ،وهذا لا أثر لها ،أعني تحركات النجوم في السماء ،ليس لها أثر فيما يحدث في الأرض ،ثم قال تعالى:{وما لها من فروج} يعني ليس للسماء من فروج ،أي من فطور وتشقق ،بل مبنية محكمة قوية .