قوله تعالى:{أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} .
الهمزة في قوله:{أَفَلَمْ} تتعلق بمحذوف ،والفاء عاطفة عليه ،كما قدمنا مراراً أنه أظهر الوجهين ،وأنه أشار إليه في الخلاصة بقوله:
* وحذف متبوع بدا هنا استبح *
والتقدير: أأعرضوا عن آيات الله فلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها ومالها من فروج .أي ليس فيها من شقوق ولا تصدع ولا تفطر ،وما تضمنته هذه الآية الكريمة من تعظيم شأن كيفية بنائه تعالى للسماء وتزيينه لها وكونها لا تصدع ولا شقوق فيها جاء كله موضحاً في آيات أخر كقوله جل وعلا في بنائه للسماء:{أَأنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَآءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا} [ النازعات: 27 -28] ،وقوله تعالى:{وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} [ الذاريات: 47] ،وقوله تعالى:{وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [ النبأ: 12] ،وقوله تعالى:{الذي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَّا تَرَى في خَلْقِ الرَّحْمَانِ مِن تَفَاوُتٍ} [ الملك: 3] ،وقوله تعالى:{وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ} [ المؤمنون: 17] ،وقوله تعالى في أول الرعد:{اللَّهُ الذي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [ الرعد: 2] ،وقوله تعالى في لقمان:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} [ لقمان: 10] الآية .إلى غير ذلك من الآيات .وكقوله تعالى في تزيينه للسماء{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} [ الملك: 5] ،وقوله تعالى:{وَزَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً} [ فصلت: 12] ،وقوله تعالى:{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَآءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [ الصافات: 6] ،وقوله تعالى:{وَلَقَدْ جَعَلْنَا في السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [ الحجر: 16] .وكقوله تعالى في حفظه للسماء من أن يكون فيها فروج أي شقوق:{فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ} [ الملك: 3] ،والفطور والفروج بمعنى واحد ،وهو الشقوق والصدوع .وقوله تعالى:{وَجَعَلْنَا السَّمَآءَ سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ ءَايَاتِهَا مُعْرِضُونَ} [ الأنبياء: 32] ،أما إذا كان يوم القيامة فإن السماء تتشقق وتتفطر ،وتكون فيها الفروج كما قال تعالى:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ} [ الفرقان: 25] .وقال تعالى:{فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} [ الرحمان: 37] الآية .وقال تعالى:{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ وَانشَقَّتِ السَّمَآءُ} [ الحاقة: 15 -16] الآية .وقال تعالى:{إِذَا السَّمَآءُ انشَقَّتْ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [ الإنشقاق: 1 -2] ،وقال تعالى:{إِذَا السَّمَآءُ انفَطَرَتْ} [ الإنفطار: 1] ،وقال تعالى:{يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ} [ المزمل: 17 -18] .وقال تعالى:{فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَإِذَا السَّمَآءُ فُرِجَتْ} [ المرسلات: 8-9] .