{والبيت المعمور} هذا هو الثالث مما أقسم الله به في هذه الآيات ،وهو بيت في السماء السابعة يقال له: الضراح ،هذا البيت يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يتعبدون فيه ثم لا يعودون إليه،فبناءً على هذا كم عدد الملائكة ؟لا يحصيهم إلا الله ،من يحصي الأيام ؟ثم من يحصي سبعين ألفاً كل يوم يدخلون هذا البيت المعمور ولا يعودون إليه .
وقيل: إن المراد بالبيت المعمور بيت الله في الأرض وهو الكعبة ؛لأنه معمور بالطائفين والعاكفين ،والقائمين ،والركع السجود ،فهل يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً ؟القاعدة في التفسير: أن الآية إذا احتملت معنيين على السواء ،وليس بينهما منافاة وجب أن تحمل على كل منهما ،لأن المتكلم بها وهو الله - جل وعلا - عالم بما تحتمله من المعاني ،وإذا لم يبين أن المراد أحد المعاني فإنه يجب أن تحمل على كل ما تحتمله من المعاني الصحيحة لا المعاني الباطلة ،وليس هناك منافاة بين أن يكون المقسم به الكعبة ،أو البيت المعمور في السماء ،لأن كلا البيتين معظم ،ذاك معظم في أهل السماء ،وهذا معظم في أهل الأرض ،ولا مانع ،فالصواب أن الآية شاملة لهذا وهذا ،إلا إذا وُجد قرينة ترجح أن المراد به البيت المعمور في السماء