ثم قال الله تبارك وتعالى في قصة المعراج:
{ما كذب الفؤاد ما رأى} اعلم أيها الأخ المسلم أن للنبي صلى الله عليه وسلم إسراءً ومعراجاً ،فالإسراء ذكره الله في سورة الإسراء .والمعراج ذكره الله في سورة النجم وكلاهما في ليلة واحدة قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين ،أو سنة ونصف ،اختلف المؤرخون في هذا ،ثم إن الإسراء والمعراج كان ببدن الرسول صلى الله عليه وسلم وروحه ،وليس بروحه فقط ،وأما قوله تعالى:{وما جعلنا الرءيا التى أريناك إلا فتنةً للناس} فالمراد بها رؤية العين ،لا رؤية المنام ،يقول الله تعالى في سياق الآيات في المعراج:{ما كذب الفؤاد ما رأى} الفؤاد القلب ،والمعنى أن ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فإنه رآه بقلبه وتيقنه وعلمه ،وذلك أن العين قد ترى شيئاً فيكذبها القلب ،وقد يرى القلب شيئاً فتكذبه العين ،فمثلاً قد يرى الإنسان شبحاً بعينه فيظنه فلاناً ابن فلان ،ولكن القلب يأبى هذا ،لأنه يعلم أن فلاناً ابن فلان لم يكن في هذا المكان ،فهنا العين رأت ،والقلب كذَّب ،أو بالعكس ،قد يتخيل الإنسان الشيء بقلبه ولكن العين تكذبه ،أما ما رآه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج فإنه رآه حقًّا ببصره وبصيرته ،ولهذا قال:{ما كذب الفؤاد ما رأى} بل تطابق القلب مع رؤية العين ،فلم يكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كاذباً فما رآه من الآيات العظيمة في تلك الليلة بل هو صادق ،ولكن المشركين كذبوه ،وقالوا: كيف يمكن أن يصل إلى بيت المقدس ويعرج إلى السماء في ليلة واحدة ،ولهذا قال:{أفتمارونه على ما يرى}