الأظهر أن هذا ردّ لتكذيب من المشركين فيما بلغهم من الخبر عن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم الملَك جبريل وهو الذي يؤذن به قوله بعد:{ أفتمارونه على ما يرى} .
واللام في قوله:{ الفؤاد} عوض عن المضاف إليه ،أي فؤاده وعليه فيكون تفريع الاستفهام في قوله:{ أفتمارونه على ما يرى} استفهاماً إنكارياً لأنهم مَارَوْه .
ويجوز أن يكون قوله:{ ما كذب الفؤاد ما رأى} تأكيداً لمضمون قوله:{ فكان قاب قوسين}[ النجم: 9] فإنه يؤذن بأنه بمرأى من النبي صلى الله عليه وسلم لرفع احتمال المجاز في تشبيه القرب ،أي هو قرب حسي وليس مجرد اتصال رُوحاني فيكون الاستفهام في قوله:{ أفتمارونه على ما يرى} مستعملاً في الفرض والتقدير ،أي أفستكذبونه فيما يرى بعينيه كما كذبتموه فيما بلغكم عن الله ،كما يقول قائل: « أتحسبني غافلاً » وقول عمر بن الخطاب للعباس وعليّ في قضيتهما « أتحاولان مني قضاءً غير ذلك » .
وقرأ الجمهور{ ما كذب} بتخفيف الذال ،وقرأه هشام عن ابن عامر وأبو جعفر بتشديد الذال ،والفاعل والمفعول على حالهما كما في قراءة الجمهور .
والفؤاد: العقل في كلام العرب قال تعالى:{ وأصبح فؤاد أم موسى فارغاً}[ القصص: 10] .
والكذب: أطلق على التخييل والتلبيس من الحواس كما يقال: كذبته عينه .
و{ ما} موصولة ،والرابط محذوف ،وهو ضمير عائد إلى{ عبده} في قوله:{ فأوحى إلى عبده}[ النجم: 10] أي ما رآه عبده ببصره .