{ما ضل صاحبكم وما غوى} هذا جواب القسم ، أي المقسم عليه{ما ضل صاحبكم} أي: ما جهل ،{وما غوى} أي: ما عاند ،لأن مخالفة الحق إما أن تكون عن جهل ،وأما أن تكون عن غي ،قال الله تعالى:{لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي} فإذا انتفى عن النبي صلى الله عليه وسلم الجهل ،وانتفى عنه الغي تبين أن منهجه صلى الله عليه وسلم علم ورشد ،علم ضد الجهل وهو الضلال ،{ما ضل صاحبكم} ورشد ضد الغي{قد تبين الرشد من الغي} إذاً النبي عليه الصلاة والسلام كلامه حق وشريعته حق ،لأنها عن علم ورشد ،وقوله:{ما ضل صاحبكم} يخاطب قريشاً ،جاء بهذا الوصف لفائدتين:
الأولى: الإشارة إلى أنهم يعرفونه ،ويعرفون نسبه ،ويعرفون صدقه ،ويعرفون أمانته ، فهو ليس شخصاً غريباً عنهم حتى يقولوا لا نؤمن به ،لأننا لا نعرفه ،بل هو صاحبهم الذي نشأ فيهم ، فكيف بالأمس يصفونه بالأمين ،والآن يصفونه بالكاذب الخائن .
الثانية: أنه إذا كان صاحبهم فإن مقتضى الصحبة أن يصدقوه وينصروه لا أن يكونوا أعداء له .فهو لم يقل «ما ضل رسول الله » أو«ما ضل محمد » ، بل قال:{ما ضل صاحبكم} ،فالفائدة من هذا هو أن مقتضى الصحبة أن يكونوا عارفين به ،ومقتضى الصحبة أن يكونوا مناصرين له