والضلال: عدم الاهتداء إلى الطريق الموصل إلى المقصود ،وهو مجاز في سلوك ما ينافي الحق .
والغواية: فساد الرأي وتعلقه بالباطل .
والصاحب: الملازم للذي يضاف إليه وصف صاحب ،والمراد بالصاحب هنا: الذي له ملابسات وأحوال مع المضاف إليه ،والمراد به محمد صلى الله عليه وسلم وهذا كقول أبي مَعبد الخزاعي الوارد في أثناء قصة الهجرة لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته وفيها أمُّ معبد وذكرت له معجزة مسحه على ضرع شاتها: « هذا صاحب قريش » ،أي صاحب الحوادث الحادثة بينه وبينهم .
وإيثار التعبير عنه بوصف{ صاحبكم} تعريض بأنهم أهل بهتان إذ نسبوا إليه ما ليس منه في شيء مع شدة إطلاعهم على أحواله وشؤونه إذ هو بينهم في بلد لا تتعذر فيه إحاطة علم أهله بحال واحد معين مقصود من بينهم .
ووقع في خطبة الحجاج بعد دَير الجماجم قوله للخوارج « ألستم أصحابي بالأهواز حين رُمتم الغدر واستبطنتم الكفر » يريد أنه لا تخفى عنه أحوالهم فلا يحاولون التنصل من ذنوبهم بالمغالطة والتشكيك .
وهذا رد من الله على المشركين وإبطال لقولهم في النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم قالوا: مجنون ،وقالوا: ساحر ،وقالوا: شاعر ،وقالوا في القرآن: إنْ هذا إلا اختلاق .
فالجنون من الضلال لأن المجنون لا يهتدي إلى وسائل الصواب ،والكذبُ والسحر ضلال وغواية ،والشعر المتعارف بينهم غواية كما قال تعالى:{ والشعراء يتبعهم الغاوون}[ الشعراء: 224] أي يحبذون أقوالهم لأنها غواية .