{وفجرنا الأَرض عيوناً} ،أي عيوناً من المياه ،وتأمل قوله تعالى:{وفجرنا الأَرض عيوناً} ولم يقل فجرنا عيون الأرض ،كأن الأرض كلها كانت عيوناً متفجرة ،حتى التنور الذي هو أبعد ما يكون عن الماء لحرارته ويبوسته صار يفور ،كما قال الله - عز وجل -:{حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور} وفي هذا من الدلالة على قدرة الله تبارك وتعالى ما لا يخفى ،وأن هذه الفيضانات التي تحدث إنما تحدث بأمر الله - عز وجل - ،وليست كما قال الطبيعيون: إنها من الطبيعة ،يقولون: هاجت الطبيعة ،غضبت الطبيعة ،وما أشبه ذلك نسأل الله العافية ،بل هي بأمر من يقول للشيء كن فيكون ،{فالتقى الماء على أمر قد قدر} هنا ماءان: ماء نازل من السماء دل عليه قوله:{ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر} وماء من الأرض نابع دل عليه قوله:{وفجرنا الأَرض عيوناً} فلماذا لم يقل فالتقى الماءان ،لأن المراد ماء السماء وماء الأرض ؟قال العلماء: إنه أراد الجنس ،لأن الجنس هنا واحد ،ماء الأرض وماء السماء ،أو يقال: لأنه لما كان المقصود بهذين الماءين شيئاً واحداً وهو عذابهم صح إفراده{على أمر قد قدر} أي: على شيء قد قضاه الله تعالى وقدره في الأزل ،فإنه ما من شيء يحدث إلا وهو مكتوب ،قال الله تعالى:{وكل شيء أحصيناه في إمام مبين} يعني من أعمال بني آدم ،ومما يقع في الأرض كل شيء محصى ،ولهذا قال{على أمر قد قدر} .