والتفجير: إسالة الماء ،يقال: تفجر الماء ،إذا سال ،قال تعالى:{ حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً}[ الإسراء: 90] .
وتعدية{ فجّرنا} إلى اسم الأرض تعدية مجازية إذ جعلت الأرض من كثرة عيونها كأنها عين تتفجر .وفي هذا إجمال جيء من أجله بالتمييز له بقوله:{ عيوناً} لبيان هذه النسبة ،وقد جعل هذا ملحقاً بتمييز النسبة لأنه محول عن المفعول إذ المعنى: وفجرنا عيون الأرض ،وهو مثل المحول عن الفاعل في قوله تعالى:{ واشتعل الرأس شيباً}[ مريم: 4] ،أي شيب الرأس إذ لا فرق بينهما ،ونكتة ذلك واحدة .قال في « المفتاح »: « إسناد الاشتعال إلى الرأس لإِفادة شُمول الاشتعالِ الرأسَ إذ وزان اشتعل شيبُ الرأس ،واشتعل الرأس شيباً وزان اشتعلت النار في بيتي واشتعل بيتي ناراً » اهـ .
والتقاء الماء: تجمع ماءِ الأمطار مع ماء عيون الأرض فالإلتقاء مستعار للاجتماع ،شبه الماء النازل من السماء والماء الخارج من الأرض بطائفتين جاءت كل واحدة من مكان فالتقتا في مكان واحد كما يلتقي الجيشان .
والتعريف في{ الماء} للجنس .وعلم من إسناد الإلتقاء أنهما نوعان من الماء ماء المطر وماء العيون .
و{ على} من قوله:{ على أمر} يجوز أن تكون بمعنى ( في ) كقوله تعالى:{ ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها}[ القصص: 15] ،وقول الفرزدق:
على حالةٍ لو أن في البحر حاتماً *** على جوده لضنَّ بالماء حاتم
والظرفية مجازية .ويجوز أن تكون{ على} للاستعلاء المجازي ،أي ملابساً لأمر قد قدر ومتمكناً منه .
ومعنى التمكن: شدة المطابقة لما قُدر ،وأنه لم يحد عنه قيد شَعَرة .
والأمر: الحال والشأن وتنوينه للتعظيم .
ووصف الأمر بأنه{ قد قدر} ،أي أتقن وأحكم بمقدار ،يقال: قدَره بالتخفيف إذا ضبطه وعينه كما قال تعالى:
{ إنا كل شيء خلقناه بقدر}[ القمر: 49] ومحل{ على أمر} النصب على الحال من الماء .
واكتفي بهذا الخبر عن بقية المعنى ،وهو طغيان الطوفان عليهم اكتفاء بما أفاده تفريع{ ففتحنا أبواب السماء} كما تقدم انتقالاً إلى وصف إنجاء نوح من ذلك الكرب العظيم ،فجملة{ وحملناه} معطوفة على التفريع عطف احتراس .
والمعنى: فأغرقناهم ونجَّيْناه .