{أن جاءه الأعمى} الأعمى هو عبد الله بن عمرو ابن أم مكتوم رضي الله عنه ،فإنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الهجرة وهو في مكة ،وكان عنده قوم من عظماء قريش يطمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في إسلامهم ، ومن المعلوم أن العظماء والأشراف إذا أسلموا كان ذلك سبباً لإسلام من تحتهم وكان طمع النبي صلى الله عليه وسلّم فيهم شديداًفجاء هذا الأعمى يسأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وذكروا أنه كان يقول: علمني مما علمك الله ويستقرىء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فكان النبي عليه الصلاة والسلام يعرض عنه وعبس في وجهه رجاءً وطمعاً في إسلام هؤلاء العظماء وكأنه خاف أن هؤلاء العظماء يزدرون النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا وجه وجهه لهذا الرجل الأعمى وأعرض عن هؤلاء العظماء ،فكان النبي عليه الصلاة والسلام في عبوسه وتوليه يلاحظ هذين الأمرين .الأمر الأول: الرجاء في إسلام هؤلاء العظماء .والأمر الثاني: ألا يزدروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في كونه يلتفت إلى هذا الرجل الأعمى الذي هو محتقر عندهم ،ولا شك أن هذا اجتهاد من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وليس احتقاراً لابن أم مكتوم ؛لأننا نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلّم لا يهمه إلا أن تنتشر دعوته الحق بين عباد الله ،وأن الناس عنده سواء بل من كان أشد إقبالاً على الإسلام فهو أحب إليه .