{فمهل الكافرين أمهلهم رويداً} مهل وأمهل معناهما واحد يعني انتظر بمهلة ولا تنتظر بمهلة طويلة ،{رويداً} أي قليلاً ،ورويداً تصغير رود أو إرواد ،والمراد به الشيء القليل .وفي هذه الاية تهديد لقريش ،وتسلية للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ،ووعد له بالنصر .وحصل الأمر كما أخبر الله عز وجل ،خرج النبي عليه الصلاة والسلام مهاجراً منهم ،وحصل بينه وبينهم حروب ،وفي السنة الثانية من الهجرة قُتل من صناديد قريش وكبرائهم وزعمائهم نحو أربعة وعشرين رجلاً ،منهم قائدهم أبو جهل ،وبعد ثماني سنوات بل أقل من ثماني سنوات دخل النبي صلى الله عليه وسلّم مكة فاتحاً منصوراً ظافراً ،حتى إنه قال كما جاء في التاريخ وهو ممسك بعضادتي باب الكعبة وقريش تحته قال لهم: «ما ترون أني فاعل بكم » ؟لأن أمرهم أصبح بيده عليه الصلاة والسلام ،«ما ترون أني فاعل بكم » ؟قالوا: أخٌ كريم ،وابن أخ كريم .فقال: «إني أقول لكم كما قال يوسف لأخوته:{لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين} [ يوسف: 92] .اذهبوا فأنتم الطلقاء » ،وإنما منّ عليهم هذه المنة عليه الصلاة والسلام لأنهم أسلموا ،وقد قال الله تعالى:{قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [ الأنفال: 38] .
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته ،وأن ينفعنا به ،وأن يجعله شفيعاً لنا يوم القيامة ،إنه على كل شيء قدير ،وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .