الفاء لتفريع الأمر بالإِمهال على مجموع الكلام السابق من قوله:{ إنه لقول فصل}[ الطارق: 13] بما فيه من تصريح وتعريض وتبْيين ووعدٍ بالنصر ،أي فلا تستعجل لهم بطلب إنزال العقاب فإنه واقع بهم لا محالة .g
والتمهيل: مصدر مَهَّل بمعنى أمهل ،وهو الإِنظار إلى وقت معيّن أو غير معين ،فالجمع بين « مَهِّل » و{ أمهلهم} تكرير للتأكيد لقصد زيادة التسكين ،وخولف بين الفعلين في التعدية مرة بالتضعيف وأخرى بالهمز لتحسين التكرير .
والمراد ب{ الكافرين} ما عاد عليه ضمير{ إنهم يكيدون}[ الطارق: 15] فهو إظهار في مقام الإِضمار للنداء عليهم بمذمة الكفر ،فليس المراد جميع الكافرين بل أريد الكافرون المعهودون .
و{ رويداً} تصغير رُود بضم الراء بعدها واو ،ولعله اسم مصدر ،وأما قياس مصدره فهو رَود بفتح الراء وسكون الواو ،وهو المَهْل وعدم العجلة وهو مصدر مؤكد لفعل{ أمهلهم} فقد أكد قوله:{ فمهل الكافرين} مرتين .
والمعنى: انتظر ما سيحلّ بهم ولا تستعجل لهم انتظار تربص واتّياد فيكون{ رويداً} كناية عن تحقق ما يحلّ بهم من العقاب لأن المطمئن لحصول شيء لا يستعجل به .
وتصغيره للدلالة على التقليل ،أي مُهلة غير طويلة .
ويجوز أن يكون{ رويداً} هنا اسم فعل للأمر ،كما في قولهم: رُويدك ،لأن اقترانه بكاف الخطاب إذا أريد به اسم الفعل ليس شَرطاً ،ويكون الوقف على قوله:{ الكافرين} و{ رويداً} كلاماً مستقلاً ،فليس وجود فعل من معناه قبله بدليل على أنه مراد به المصدر ،أي تصبر وَلا تستعجل نزول العذاب بهم فيكون كناية عن الوعد بأنه واقع لا محالة .