وقوله:{يوم تبلى السرائر} أي تختبر السرائر ،وهي القلوب ،فإن الحساب يوم القيامة على ما في القلوب ،والحساب في الدنيا على ما في الجوارح ،ولهذا عامل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المنافقين معاملة المسلمين حيث كان يُستأذن في قتلهم فيقول: «لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه » ،فكان لا يقتلهم وهو يعلم أن فلانًا منافق ،وفلانًا منافق ،لكن العمل في الدنيا على الظاهر ويوم القيامة على الباطن{يوم تبلى السرائر} أي تختبر وهذا كقوله:{أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور .وحصل ما في الصدور} [ العاديات: 9 ،10] .ولهذا يجب علينا العناية بعمل القلب أكثر من العناية بعمل الجوارح ،عمل الجوارح علامة ظاهرة ،لكن عمل القلب هو الذي عليه المدار ،ولهذا أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن الخوارج يخاطب الصحابة يقول: «يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ،وصيامه مع صيامهميعني أنهم يجتهدون في الأعمال الظاهرة لكن قلوبهم خالية والعياذ باللهلا يتجاوز الإسلام حناجرهم ،يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية » ،قال الحسن البصري رحمه الله: ( والله ما سبقهم أبو بكر بصلاة ولا صوم ،وإنما سبقهم بما وقر في قلبه من الإيمان ) والإيمان إذا وقر في القلب حمل الإنسان على العمل ،لكن العمل الظاهر قد لا يحمل الإنسان على إصلاح قلبه ،فعلينا أن نعتني بقلوبنا وأعمالها ،وعقائدها ،واتجاهاتها ،وإصلاحها وتخليصها من شوائب الشرك والبدع ،والحقد والبغضاء ،وكراهة ما أنزل الله على رسوله وكراهة الصحابة رضي الله عنهم ،وغير ذلك مما يجب تنزيه القلب عنه .