{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآئِرُ} وهي الأشياء الخفية التي كان الإنسان يسرّها ويخفيها في نفسه عندما كان في الدنيا ،من أعماله التي كان يكتمها عن الآخرين ،مما لا يستطيع أن يتحمل مسؤوليته أمامهم .فإنها تختبر وتكشف وتظهر حين يقف الإنسان للحساب على أساسها ،فلا يبقى هناك سرّ هارب من المعرفة ،أو بعيدٌ عن المسؤولية ،بل يقف الإنسان هناك ،في يوم القيامة ،عارياً من كل ثيابه ،ومن كل أسراره ،ومن كل عناصر قوّته ،وهذا ما يريد القرآن من الإنسان أن يتمثله في وعيه المسؤول ،فلا يشعر بالحماية الطبيعية لأسراره السيّئة التي يملك أمر كتمانها ،بل يفكر بأن الله سوف يظهرها على رؤوس الأشهاد ،أو أنه المطّلع عليها في الدنيا والآخرة ،فلا يأخذ حريته في تحريكها في حياته عصياناً وتمرّداً على الله في المناطق الخفية من واقعه العملي ،ليدفعه ذلك إلى الدقّة في أعماله ،حتى لا تكون بعيدة عن خط المسؤولية التي يواجهها غداً بين يدي الله .