ثم ذكر ما يحدث في تلك الليلة فقال:{تنزل الملائكة والروح فيها} أي تنزل شيئاً فشيئاً ؛لأن الملائكة سكان السموات ،والسموات سبع ،فتتنزل الملائكة إلى الأرض شيئاً فشيئاً حتى تملأ الأرض ،ونزول الملائكة في الأرض عنوان على الرحمة والخير والبركة ،ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول شيء كان ذلك دليلاً على أن هذا المكان الذي امتنعت الملائكة من دخوله قد يخلو من الخير والبركة كالمكان الذي فيه الصور ،فإن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه صورة ،يعني صورة محرمة ؛لأن الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو مخدة ،فأكثر العلماء على أنها جائزة ،وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان ،لأنه لو امتنعت لكان ذلك ممنوعاً ،فالملائكة تتنزل في ليلة القدر بكثرة ،ونزولهم خير وبركة .{والروح} هو جبريل عليه السلام خصه الله بالذكر لشرفه وفضله ،وقوله تعالى:{بإذن ربهم} أي بأمره ،والمراد به الإذن الكوني ؛لأن إذن اللهأي أمرهينقسم إلى قسمين: إذن كوني ،وإذن شرعي ،فقوله تعالى:{شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله} [ الشورى: 21] .أي ما لم يأذن به شرعاً ،لأنه قد أذن به قدراً ،فقد شرع من دون الله ،لكنه ليس بإذن الله الشرعي ،وإذن قدري كما في هذه الاية{بإذن ربهم} أي بأمره القدري ،وقوله:{من كل أمر} قيل: إن{من} بمعنى الباء ،أي بكل أمر مما يأمرهم الله به ،وهو مبهم لا نعلم ما هو ،لكننا نقول: إن تنزل الملائكة في الأرض عنوان على الخير والرحمة والبركة .