ولمزيد من وصف هذه الليلة تقول الآية التالية:
{تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربّهم من كلّ أمر}
و«تنزل » فعل مضارع يدل على الاستمرار ،( والأصل تتنزل ) ،ممّا يدل على أنّ ليلة القدر لم تكن خاصّة بزمن النّبي الأكرم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،وبنزول القرآن ،بل هي ليلة تتكرر في كل عام باستمرار .
وما المقصود ب «الروح » ؟قيل: إنّه جبرائيل الأمين ،ويسمّى أيضاً الروح الأمين .وقيل: إنّ الروح بمعنى الوحي بقرينة قوله تعالى: ( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ){[6094]} .
وللروح تفسير آخر يبدو أنّه أقرب ،هو أنّ الروح مخلوق عظيم يفوق الملائكة .
وروي أنّ الإمام الصادق( عليه السلام ) سئل عن الروح ،وهل هو جبرائيل ؟قال: «جبرائيل من الملائكة ،والروح أعظم من الملائكة ،أليس أنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: تنزل الملائكة والروح » ؟{[6095]}
فالاثنان متفاوتان بقرينة المقابلة .وذكرت تفاسير أخرى للروح هنا نعرض عنها لافتقادها الدليل .
{من كلّ أمر} أي لكل تقدير وتعيين للمصائر ،ولكل خير وبركة .فالهدف من نزول الملائكة في هذه الليلة إذن هو لهذه الأمور .أو بمعنى بكل خير وتقدير ،فالملائكة تنزل في ليلة القدر ومعها كل هذه الأمور{[6096]} .
وقيل: المقصود أنّ الملائكة تنزل بأمر اللّه ،لكن المعنى الأوّل أنسب .
عبارة «ربّهم » تركز على معنى الربوبية وتدبير العالم ،وتتناسب مع عمل الملائكة في تلك الليلة حيث تنزل لتدبير الأمور وتقديرها ،وبذلك يكون عملها جزءا من ربوبية الخالق .
بإيجاز الآية الكريمة تقول: الملائكة والروح تتنزل في هذه الليلة بأمر ربّهم لتقدير كلّ أمر من الأمور .
/خ5