{ولَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِن قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ومَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ 13 ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلاَئِفَ فِي الأَرْضِ مِن بَعْدِهِم لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ 14} [ 1314] .
في الآيات انتقال من الغائب إلى المخاطب ،ومن التعميم إلى التخصيص ؛حيث وجه الخطاب فيها إلى السامعين بأسلوب تقريري: فالله سبحانه قد أهلك الأمم التي سبقت السامعين حينما ظلموا وانحرفوا ،وجاءتهم الرسل بالبينات من الله فلم يؤمنوا ولم يرتدعوا .وهذه هي سنة الله في عقاب المجرمين أمثالهم .وقد جعل الله السامعين خلفاء في الأرض بعد أولئك الهالكين ويسّر لهم أسباب النمو والحياة ليختبرهم فيما يفعلون وفي أي الطرق يسلكون .
والآيات غير منفصلة عن السياق ،وفيها استطراد واستمرار في التنديد والإنذار ،وانطوى فيها إنذار للجاحدين برسالة النبي صلى الله عليه وسلم بأن عذاب الله يوشك أن يقع عليهم كما وقع على من قبلهم جريا على سنة الله ،لأنهم يقفون من رسوله إليهم الذي بعثه بالبينات ويصرون على الظلم والإجرام والجحود كما فعل من قبلهم فكان عقابهم الهلاك .
ومع خصوصية الآيات الزمنية ،فإنه يتبادر لنا من روحها أنها تنطوي على إنذار وتنبيه ربانيين مستمرين للأجيال بعد الأجيال بأن على كل جيل يأتي بعد جيل فاسد أن يتعظ بما حل في هذا الجيل الفاسد الذي سبقه نتيجة لفساده وأن يعتبر نفسه في موقف الاختبار وعرضة للهلاك والدمار إن هو لم يتعظ وسار على درب الجيل الفاسد المجرم .