{ ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين13} .
القرن:الجيل ، والقرون:الأجيال ، وليس هلاك هذه الأجيال إهلاكها كلها وإنما الإهلاك للمكذبين منهم ، فأهلك قوم نوح وأبقى المؤمنين ولما أهلك عادا وثمودا ، أبقى المؤمنين ، وأهلك من قوم لوط المفسدين وأبقى المؤمنين وهكذا ، وفي قوله تعالى:{ ولقد أهلكنا القرون من قبلكم} إشارة إلى وجوب الاعتبار بهم ، كما قال سبحانه:{ قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين69}( النمل ) .
{ لما ظلموا} أي أن الهلاك كان عند ظلمهم وبسببه ، وأن ظلمهم كان سببه الشرك وإن الشرك لظلم عظيم ، حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرمه ، وكانوا طغاة كفرعون وأمثاله ، فطغوا في البلاد ، وظلموا العباد ، واستغلوا قوى الناس بغير مبرر إلا أهوائهم .
ظلموا الرسل بتكذيبهم- قال تعالى:{ وجاءتهم رسلهم بالبينات} أي بالمعجزات الواضحة الدالة على الرسالة الإلهية التي حملوها فما طغى المجرمون عن غير بينة:{. . .وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا15}( الإسراء ) ،{. . . .وإن من أمة إلا خلا فيها نذير24}( فاطر ) .
تكاثفت ظلماتهم وتوالي شرهم وفسدت نفوسهم حتى اسودت وما عاد للحق فيها موضع ، فبين سبحانه أنه لا إيمان لهم بعد أن أظلمت قلوبهم ، قال تعالى:{ وما كانوا ليؤمنوا} أي ما استقام لهم ليؤمنوا ،و( اللام ) هي التي تسمى بلام الجحود ، ولا يستقيم لهم الإيمان لاسودادقلوبهم وطمس نورها فلا يدخلها نور الحق ، فهي في ظلمات دائمة مستمرة{ كذلك نجزي القوم المجرمين} ، أي كهذا الجزاء الذي جزيناهم به من الهلاك الذي نزل بهم وكطمس قلوبهم فلا يؤمنوا نجزي المعاندين ، وقد وصفهم سبحانه وتعالى بالإجرام وأن ذلك هو الذي أدى إلى هلاكهم ، وإجرامهم كان في كفرهم وطغيانهم وفسادهم في الأرض وهذه عبرة ساقها القرآن لمن يعتبر ،