وخاطب بها المشركين الذين يعبدون الأوثان ليعتبروا فقال تعالى:{ ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون 14} .
{ ثم} هنا لمعناها من الترتيب والتراخي ، وأن التراخي فيها يدل على تعدد الأجيال وكثرتها وما تركته من عبر وآثار تدل على عاقبة أمرهم ، وهم على مقربة منهم يسيرون في أرضهم ، و{ خلائف} جمع خليفة وهم الذين يسكنون في مساكنهم كما قال تعالى:
{ وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال45}( إبراهيم ) .
إن هذه الخلافة في الأرض التي فيها العبر والرسوم الدالة على مآل الذين ظلموا فيها وقاوموا الأنبياء وكذبوهم ، وهي كافية لاعتبارهم واهتدائهم إن غلبت عليهم الهداية ، أو ضلالهم إن غلبت عليهم الشقوة ؛ ولذا قال تعالى:{ لننظر كيف تعملون} ،( اللام ) للتعليل أو الغاية ، وهي هنا للغاية ، وضمير المتكلم وهو الله ذى الجلال والإكرام ، والنظر من الله تعالى لأمور أنها واقعة لا أنها متوقعة ، فهو يعلم الأمور كلها ما حضر وما غاب وما كان وما يكون ، والنظر هنا إلى ما هو واقع أهو الهداية أو الاهتداء أو هو الضلالة والابتعاد ؟ ،و( كيف ) استفهام عن حالهم وواقعهم هدى أو ضلال .