{والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون 65 وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث 1 ودم لبنا خالصا سائغا 2للشاربين 66 ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا 3 ورزقا حسنا 4 إن في ذلك لآية لقوم يعقلون 67 وأوحى ربك إلى النحل 5 أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون 6 68 ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا 7 يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون 69} [ 65-69] .
في الآيات تذكير ولفت نظر إلى بعض مشاهد آيات الله ونعمه:
1- فالله ينزل الماء من السماء إلى الأرض فتعج بعد الموت والجفاف بالحياة .
2- ويخرج للناس من بطون الأنعام من بين الثفل والدم لبنا لذيذ الطعم شرابا لهم .
3- ويكون لهم مما تحمله شجر النخيل والأعناب من التمر غذاء وشراب نافعان حسنان .
4- وقد خلق الله النحل على ناموس عجيب .فهي تتخذ بإلهامه خلاياها في الجبال والأشجار والعرائش والسقوف ،ثم تنتشر منها كل إلى سبيل ؛لتتناول غذاءها من كل الثمرات ،وتعود إليها لتخرج من بطونها شرابا مختلف الألوان ،فيه الشفاء والنفع للناس .
ففي كل هذه آيات بينات على قدرة الله وعظمته وإتقان نواميس كونه ،لمن تفتح ذهنه ،وحسن سمعه ،وأرهف قلبه ،فتفكر وتعقل .
والآيات متصلة كما هو المتبادر بالآيات السابقة .ففي الأولى نعي على الكفار ؛لإشراكهم بالله وانصرافهم عن سماع الآيات البينة التي أنزلها على رسوله ،وفي هذه لفت للأنظار إلى آيات الله البينة في نواميس كونه البديعة ،وما في ذلك من نفع للناس ونعم من الله عليهم ،مما فيه الحجج الدامغة على استحقاقه وحده للعبادة والخضوع ،يدركها من حسنت نيته وصدقت رغبته في الحق والهدى ،ولا يكابر فيها إلا من فقد ذلك .وقد تضمنت الآيات حثا للناس على استعمال عقولهم ،والتفكر في آيات الله وآلائه ،كما تضمنت تنويها بالذين آمنوا بالله ورسوله نتيجة لذلك ،وهذا ما تضمنته الفقرة الأخيرة من الآيات السابقة أيضا .