جولة كونية في آفاق نعم الله .
وهذه جولةٌ كونية في آفاق نعم الله التي خلقها لعباده من أجل أن تستمر بها حياتهم ،وتتلون بأنواع الملذات والمشتهيات ،ليعبدوه ،من موقع أنه الإله المنعم الواحد ،وليشكروه من مواقع هذه النعم التي لا حياة لهم بدونها .وذلك هو الأسلوب القرآني في إثارة وعي الإنسان بربه ،من خلال انفتاحه على الحياة ،حيث تتحرك خطوات العقيدة في فكره من تحسس الحياة في وجدانه ،فلا ينفصل جانب العقيدة عن جانب الحياة ،وهكذا يحس الإنسان المؤمن بحضور الله معه من خلال كل النعم التي تحيط به من كل جانب .
نعمة إنزال المطر
{وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَآءِ مَآءً} ،وكانت الأرض جرداء لا تنبت شيئاً ،وميتة لا تنتج ،ولا تنمو فيها أيّة بذرةٍ للحياة .حتى إذا نزل عليها المطر من السماء ،وابتلت عروقها بقطراته ،وامتلأت خزاناتها بمياهه ،دبت فيها الحياة ،{فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَآ} .وذلك هو سرّ تجدد الحياة بالماء ،الأمر الذي يدفع بالإنسان إلى التفكير في عظمة الله الذي أبدع الحياة في الأرض ،كما أبدعها في الإنسان .{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} ،فيصغون بمسامع قلوبهم لما يسمعونه من دلائل القدرة ،أو لما يشاهدونه منها ،فيكون ذلك أساساً للقبول والقناعة ،لما توحيه الكلمة المألوفة في التعبير عن الموافقة بالسماع ،في قولهم: إن فلاناً يسمع الكلام ،أي يقبله .