قوله: ( والله أنزل من السماء ماء فأحيا به الأرض بعد موتها ) ،وهذه من الدلائل على عظمة الخالق الذي أوجد كل شيء وأتقنه إتقانا ؛فقد أنزل الله بقدرته وإرادته المطر من السماء غيثا مغيثا طبقا ؛ليثير في الأرض النماء والبركة ،وتنبعث في الناس ظواهر الخير والاستمتاع ،وراغد الحياة وطيب العيش .وذلك هو مقتضى قوله: ( فأحيا به الأرض بعد موتها ) ،وموت الأرض كناية عن جفافها ويبسها ؛فهي حال كونها يبسا غير ذات نبات ولا اخضرار كأنما هي ميتة ،حتى إذا أصابها ماء السماء انقلبت حية عامرة يعمها الخصب والنضرة والاخضرار .وذلك في ذاته حدث كوني كبير ،لا يتحقق إلا بإرادة الله الخالق القادر .وهو دليل واضح ( لقوم يسمعون ) ،أي: يسمعون سماع استبصار وتدبر ؛ليجدوا في إحياء الأرض الميتة بالمطر دليلا واضحا ومثيرا على أن الله حق .أما الذين يسمعون سماع الذاهلين الغافلين ،أو سماع الماكرين المخادعين المتربصين ؛فإنهم سادرون في الضلال والعمى والجحد ؛فلا ينفعهم سماعهم ،ولا يغنيهم ما يجدونه من مختلف الأدلة والبراهين{[2556]} .