{فإن تولوا فإنما عليك البلاغ المبين ( 82 ) يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون( 83 )}[ 82 83] .
الآية الأولى موجهة للنبي صلى الله عليه وسلم على سبيل التطمين والتسلية ،فإذا كان من السامعين من يكابر في قدرة الله ويعرض عن دعوته فليس عليه إلا التبليغ والبيان .
والآية الثانية احتوت تقريرا لواقع السامعين وتنديدا بهم ،فهم يعرفون أن ما يتمتعون به من نعم وأسباب ووسائل هي من فضل الله وتيسيره ،ومع ذلك فإن أكثرهم ينكرون بأفواههم وأفعالهم ،ويكفرون بالله ونعمه .
ولقد روى ابن كثير عن مجاهد أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقرأ عليه:{والله جعل لكم من بيوتكم سكنا} ،فقال الأعرابي: نعم ،قال:{وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا}الآية ... قال الأعرابي: نعم ،ثم قرأ عليه كل ذلك ،يقول الأعرابي: نعم حتى بلغ:{كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون} ،فولّى الأعرابي ، فأنزل الله:{يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها} .
والرواية لم ترد في كتب الأحاديث الصحيحة .والمتبادر أن الآيتين جاءتا تعقيبا على الفصل السابق ؛للتنديد بالكفار وإلزامهم بالحجة .والآية الثانية قوية الحجة والإلزام والتنديد معا ؛لأن الكفار كانوا يعترفون بأن الله تعالى هو الخالق الرزاق المدبر ،المحيي المميت ،المنعم المتفضل الذي هو الملاذ والملجأ ،وكاشف الضر على ما مرت حكايته عنهم في آيات كثيرة .