تفريع على جملة{ لعلكم تسلمون}[ سورة النحل: 81] وقع اعتراضاً بين جملة{ كذلك يتم نعمته عليكم}[ سورة النحل: 81] وجملة{ ويوم نبعث من كل أمة شهيداً}[ سورة النحل: 84] .
وقد حوّل الخطاب عنهم إلى خطاب النبي وهو نوع من الالتفات فيه التفات من أسلوب إلى أسلوب والتفات عمّن كان الكلام موجّهاً إليه بتوجيه الكلام إلى شخص آخر .
والمعنى: كذلك يتمّ نعمته عليكم لتسلموا فإن لم يُسلموا فإنما عليك البلاغ .
والمقصود: تسلية النبي على عدم استجابتهم .
والتولّي: الإعراض .وفعل{ تولوا} هنا بصيغة الماضي ،أي فإن أعرضوا عن الدعوة فلا تقصير منك ولا غضاضة عليك فإنك قد بلّغت البلاغ المبين للمحجّة .
والقصر إضافي ،أي ما عليك إلا البلاغ لا تقليب قلوبهم إلى الإسلام ،أو لا تولى جزاءهم على الإعراض ،بل علينا جزاؤهم كقوله تعالى:{ فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب}[ سورة الرعد: 40] .
وجَعْل هذا جواباً لجملة{ فإن تولوا} من إقامة السبب والعلّة مقام المسبّب والمعلُول: وتقدير الكلام: فإن تولّوا فلا تقصير ولا مؤاخذة عليك لأنك ما عليك إلا البلاغ .ونظير هذه قوله تعالى:{ وأطيعوا الله وأطيعو الرسول واحذروا فإن تولّيتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين}[ سورة المائدة: 92] .