{وكم قصمنا 1 من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 ) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 ) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون ( 13 ) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ( 14 ) فما زالت تلك دعواهم 2 حتى جعلناهم حصيدا خامدين3 ( 15 )} [ 11-15] .
1 قصمنا: حطمنا وسحقنا .
في الآيات:
1- تساؤل يتضمن التنبيه إلى كثرة من صب عليهم عذابه وتدميره من القرى الظالمة وأنشأ بعدهم غيرهم .
2- وبيان لما كان من أمر الذين صب الله عليهم عذابه ؛حيث حاولوا الفرار من قراهم أملا بالنجاة ،فحيل بينهم وقيل لهم في معرض التبكيت ،بل ارجعوا إلى مساكنكم ،وما كنتم فيه من ترف حتى ينالكم عذاب الله ،فلم يكن منهم إلا أن أخذوا بالعويل والندب واعترفوا بما كان منهم من ظلم وإثم ثم حاق بهم العذاب حتى خمدت منهم الأنفاس وأصبحوا كالزرع المحصود المطروح .
والاتصال قائم بين هذه الآيات وسابقاتها كما هو واضح أيضا .وقد استهدفت إنذار السامعين أو الكفار في بيان أسلوب الله في إهلاك المسرفين الذين أشير إليهم في الآية الأخيرة السابقة .
ولقد ذكر البغوي أن الآيات نزلت في أهل حضر موت قرية باليمن بعث الله إليهم نبيا يدعوهم ،فكذبوه وقتلوه فسلط عليهم الله بختنصر حتى قتلهم وسباهم ،فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا فقالت لهم الملائكة استهزاء: لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ،وقد اتبعتم بختنصر وأخذتهم السيوف ،ونادى مناد في جو السماء: يا ثارات الأنبياء ،فلما رأوا ذلك أقروا بذنوبهم حين لم ينفعهم ذلك .ومن المحتمل أن تكون القصة مما كان العرب يتداولونه قبل البعثة ،فشاءت حكمة التنزيل الإشارة إليها والتذكير بها في معرض التنديد والإنذار .