قوله تعالى:{وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ 11} .
«كم » هنا للإخبار بعدد كثير ،وهي في محل نصب لأنها مفعول «قصمنا » أي قصمنا كثير من القرى التي كانت ظالمة ،وأنشأنا بعدها قوماً آخرين .وهذا المعنى المذكور هنا جاء مبيناً في مواضع كثيرة من كتاب الله .كقوله تعالى:{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِن بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا 17} ،وقوله:{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِي خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا} الآية ،وقوله:{وَكَأِيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبها وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُّكْراً 8 فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْراً 9} إلى غير ذلك من الآيات .
وقوله في هذه الآية الكريمة:{وَكَمْ قَصَمْنَا} أصل القصم: أفظع الكسر لأنه الكسر الذي يبين تلاؤم الأجزاء ،بخلاف الفصم بالفاء فهو كسر لا يبين تلاؤم الأجزاء بالكلية .والمراد بالقصم في الآية: الإهلاك الشديد .