وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَا لَيْسَ لَهُم بِهِ عِلْمٌ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ{71} وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{72} .
في هذه الآيات:
1- تنديد بعقائد الكفار المشركين ووهن أساسها .فهم يعبدون آلهة غير الله ويشركونها معه من دون برهان وبيّنة وعلم ،فهم ظالمون لأنفسهم جانون عليها وليس للظالمين من نصير .
2- ووصف فيه معنى التعقيب والتوبيخ لشدة مكابرتهم وغيظهم .فبينما تكون عقائدهم واهية الأساس فإنهم إذا تليت عليهم آيات الله البينات التي تحتوي البرهان الساطع تجهّمت وجوههم واربدّت ،وبدا عليها أمارات الغيظ والشرّ حتى ليكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم هذه الآيات .
3- وأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بسؤال هؤلاء سؤالا ينطوي على التحدّي والتقريع عما إذا كانوا يودّون أن ينبئهم بما هو أشدّ إثارة وغيظا لهم وهو وعد الله للكافرين بالنار وبئست هي من مصير لهم .
ولقد روى الطبري في سياق تفسير جملة{قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ} عزوا إلى مجاهد أن بعضهم قال: إن المشركين قالوا والله إن محمدا وأصحابه لشرّ خلق الله ،فأمر في الجملة النبي صلى الله عليه وسلم بأن يردّ عليهم قولهم ويخبرهم أن الكافرين هم شرّ خلق الله .
والمتبادر من الآيتين أنهما وحدة وأن مضمونهما لا يتحمّل صحة هذا القول الذي لم يوثق بسند ما ،وأن الأوجه في تأويل الجملة هو ما ذكرناه في الفقرة الثالثة من الشرح إن شاء الله .
والمتبادر كذلك أن الصلة غير منقطعة بينها وبين الآيات السابقة التي كان موضوعها الكفار ،وقد حكت الآيات السابقة موقف مشركين معتدلين فجاءت هذه الآيات لتحكي موقف مشركين عنيفين .